لم تدخر الإمارات العربية المتحدة وسعًا في السنوات العشرين الماضية لضمان مواكبة اقتصادها للمعايير الدولية، حيث رحبت دومًا وبأذرع مفتوحة بالابتكارات الجديدة.
وقد كان ظهور العمل عن بعد من بين هذه التطورات. وبالنسبة لبلد عازم على التحول من اقتصاد يعتمد على النفط إلى اقتصاد قائم على المعرفة، فإن نموذج العمل الجديد قد جاء في أفضل وقت ممكن. وبالنظر إلى خيارات التأشيرة والإقامة الجديدة التي سمحت بها الإمارات العربية المتحدة في السنوات الأخيرة، فإن التحول إلى العمل عن بعد والعمل الهجين قد حصل في التوقيت المناسب.
ولتحقيق رؤيتها لمستقبل القوى العاملة على أرض الواقع، عينت دولة الإمارات العربية المتحدة معالي عمر سلطان العلماء وزيرًا للدولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد في يوليو 2020، بعد أن كان قد جرى تعيينه سابقًا وزيرًا للذكاء الاصطناعي في عام 2017، حيث مثلت الوزارة الموسعة مجالًا متزايدًا لتركيز معاليه ودولة الإمارات بما يتماشى مع الأحداث العالمية والاستراتيجيات الداخلية.
وفي وقت سابق من هذا العام في شهر يونيو، دخلت الوزارة المذكورة في شراكة مع شركة Deel ومقرها الولايات المتحدة، وهي شركة متخصصة في مجال إعداد كشوف الرواتب وفي دمج الموظفين الجدد وتدريبهم وتطوير قدراتهم، وذلك لجذب أفضل المواهب العالمية والشركات عالية النمو إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. وتعتبر Deel الشركة الأعلى قيمة في مجالات التوظيف والمدفوعات والامتثال عالميًا، بقيمة 12 مليار دولار.
ويشارك طارق سلام، وهو مسؤول فرع دولة الامارات ورئيس التطوير والتوسع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة Deel، أفكاره حول طبيعة هذه الشراكة مع منصة أبوظبي للأعمال.
هل لك أن تخبرنا عن العمليات الأساسية لشركتك، وكيف أدت تلك العمليات إلى شراكة مع وزارة الإمارات للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد؟
لقد تم إطلاق شركة Deel في أبريل 2019. وهي مشروع عملاق مدعوم من Y Combinator، تقوم على تمكين الشركات من توظيف فرق عملها العالمية وسداد أجورها بسلاسة في أكثر من 160 دولة. حيث تغطي عملياتنا الأساسية: إعداد وتجهيز الموظفين، والعقود، وإدارة النفقات، والفوائد الوظيفية، وكشوف الرواتب، وضمان الامتثال لفريق عملك الدولي. كما ندعم أيضًا ثقافة مكان العمل والخبرة من خلال شراكاتنا وتكاملنا مع شركات مثل Roots.
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، تغيرت أماكن العمل بشكل كبير. لقد قبلت الشركات فكرة أن نظام العمل التقليدي للمكاتب من 9 صباحًا الى 5 مساء ليس هو الأسلوب الوحيد للعمل، حيث أصبحت تتبنى أسلوب العمل عن بعد. وهو ما ارتبط أيضًا بوصول رواتب مراكز التكنولوجيا إلى مستويات عالية، مما فتح فرصًا للمواهب حول العالم للتنافس على الوظائف في أفضل الشركات. ومع ذلك فلا تزال التشريعات والمساءلة عن التوظيف الدولي من خارج حدود الدول يشكل كابوسًا.
وتتمثل مهمتنا كشركة Deel في جعل هذا الأمر (أي التوظيف الدولي من خارج الحدود) سهلًا ويمكن الوصول إليه تمامًا مثل التوظيف محليًا. ونعتقد أنه من خلال إزالة كافة الاحتكاكات وتخفيف المخاطر القانونية، يمكننا تزويد الشركات بأفضل المواهب العالمية، وتوفير الفرص للعمالة الماهرة في جميع أنحاء العالم، وخلق ملايين الوظائف التي تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي.
ونحن نقوم حاليًا بدعم أكثر من 8000 عميل حول العالم لتبسيط وتوسيع عمليات التوظيف عن بعد، حيث تعمل شركة Deel على سد الفجوة في المواهب لدى الشركات على مستوى العالم.
ما هي الطرق الرئيسية التي ستقومون من خلالها بدعم حكومة الإمارات العربية المتحدة والشركات المحلية؟
هنا سرد لعدد قليل من حالات الاستخدام للشركات المتصاعدة والأعمال التجارية والهيئات الحكومية التي تستفيد من شركة Deel:
● تبسيط إدارة البائعين/المتعاقدين ومدفوعاتهم ولوائح الامتثال الخاصة بهم عبر 160 دولة، باستخدام Deel Shield والسماح لـ Deel بتعيين مقاولين نيابة عنك للتخفيف من مخاطر سوء التصنيف.
● تعيين موظفين بدوام كامل في البلدان التي ليس لديك فيها كيان مادي عبر نموذج صاحب العمل المسجل. وبالإضافة إلى ذلك، نقوم بنقل الموظفين عبر فريق "الحركة العالمية" الخاص بنا.
● الاستفادة من شركة Deel في موضوع كشوف الرواتب الدولية بالنسبة للبلدان التي تمتلك فيها أنت بالفعل كيانات اليوم، وحيث تحتاج إلى حلول لكشوف رواتب محلية.
هذه ليست المرة الأولى التي تتشاركون فيها مع هيئة حكومية … ما هي بعض النقاط (الأفكار- الحقائق) الرئيسية التي تعلمتموها من التعاون مع القطاع العام؟ وكيف ساهمت هذه التجارب حتى اللحظة في إمداد شركة Deel بالمعلومات اللازمة لعملية صنع القرار وكذلك في التغيير والتحويل من خدماتكم؟
إن الحكومات هي جهات ميسرة ومسرعة حقيقية للرؤية العالمية لشركة Deel فيما يختص بتنقل المواهب. كما أن شركة Deel تتفق مع رؤية الإمارات العربية المتحدة لأن تصبح مركزًا عالميًا للمواهب ووجهة للعمل عن بعـد.
بالنظر إلى حجم أعمالكم الواسع، ما هي - في رأيكم - أهم الفرص والتحديات الموجودة في مجال العمل عن بعد والتوظيف اليوم والتي يجب أن تكون الشركات على دراية بها؟
يتعلق تنقل المواهب بتعظيم الفوائد التي يمكن للموظفين تحقيقها لشركاتهم. حيث يجب أن تكون فترة مكث الموظفين الدائمين في شركاتهم تجربة إيجابية لهؤلاء الموظفين، مما يوفر لهم الفرصة للنمو على المستوىين الشخصي والمهني، ولتجربة وتحقيق النتائج المرجوة في مجالات جديدة، وأخيرًا وليس آخرًا - التقدم في حياتهم المهنية. وإذا ما تمكنت مؤسسة ما من تحقيق هذا النوع من بيئة العمل، فإنها تحسن بذلك أداء الموظفين ونتائج الأعمال، بما في ذلك تحقيق أعلى عائد ممكن على الاستثمار. وعلاوة على ذلك، فإذا ما قامت شركة ما ببناء مثل هذه السمعة الإيجابية، فهي سوف تجتذب أفضل المواهب بسهولة أكبر.
لإنشاء والحفاظ على علامة تجارية جذابة تستقطب جموعًا من المواهب العالمية، تحتاج الشركات إلى تبني استراتيجيات للتوظيف والموارد البشرية والتشغيل عبر الحدود الدولية، حيث أتاحت قابلية التنقل العالمية هذا الأمر إلى حد ما وسوف تستمر بدون شك في القيام بذلك. ومع هذا، فستبقى نسبة معينة من الموظفين غير القادرين على التحرك وقت ظهور فرصة عمل جديدة. بالتالي فالشركات التي تتبنى نموذج عمل مرن عن بعد يسمح بالتوظيف عبر الحدود سوف تجني فوائد تحسين فاعلية أعمالها وعائد أعلى على الاستثمار.
ما هي الخطوة التالية لشركة Deel في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟ هل يمكن أن نرى شراكة مماثلة بين القطاعين العام والخاص مع دول مثل: المملكة العربية السعودية أو مصر؟
لدينا الكثير من الخطط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتتمثل مهمة شركة Deel دائمًا بالمساهمة في المبادرات التي تضع المواهب في صميم كل ما نقوم به وتزويد الشركات بالدعم الذي تحتاجه للتوسع بثقة في أسواق جديدة، واكتساب أفضل المواهب العالمية والانتقال نحو أسلوب العمل الهجين أو عن بعـد.