ولدت "هاوس أوف بوبس" في دولة الإمارات العربية المتحدة، وازدهرت منذ ذلك الحين لتصبح علامة فارقة في المنطقة، حيث تعمل في جميع أنحاء الإمارات العربية المتحدة ولبنان والمملكة العربية السعودية. ويستمر نطاقها في التوسع، حيث من المقرر إطلاقها في البحرين والكويت. ويقف وراء هذا النجاح الثنائي الرائع مازن كنعان وزوجته مارسيلا كنعان، وهي أيضًا أحد المؤسسين. وكانت خلفية كنعان، بما في ذلك الفترة التي قضاها في شركة يونيليفر، وخبرة مارسيلا في الطهي قد شكلتا مزيجًا مثاليًا من المهارات التي أرست الأساس لشركة هاوس أوف بوبس.
ويتذكر كنعان تلك البدايات المتواضعة قائلاً: "بدأنا بالذهاب إلى المعارض بعربتنا للترويج لآيس الكريم النباتي الخاص بنا". وفي تلك المرحلة، كانت الرسائل التسويقية لشركتنا تدور في المقام الأول حول الجانب النباتي لمنتجنا، والذي يتماشى مع مهمتنا ورسالتنا الأصلية.
ومع ذلك، جاءت نقطة التحول المحورية عندما شاركتهم زبونة وجهة نظرها في أحد هذه الفعاليات. "ففي أحد الأيام، اقتربت منا امرأة وقالت: أين الدافع الذي يحفزني لتناول الطعام النباتي ما دام ضارًا بالبيئة (من حيث طريقة انتاجه)؟!"، ويتذكر كنعان ذلك اللقاء الذي كان بمثابة حافز للتغيير، حيث كان لهذا السؤال البسيط والعميق صدى عميقًا لدى الزوجين.
وقد أثارت هذه التجربة تحولًا مفصليًا في رسائل "هاوس أوف بوبس" التسويقية، حيث يتذكر كنعان ذلك قائلًا: "لقد كانت (هذه التجربة) بمثابة جرس تنبيه لنا، فقد جعلتنا ندرك أن مهمتنا بحاجة إلى التطوير إلى مستوى جديد وأن الناس لن تطلب منتجاتنا لمجرد كونها نباتية. عندها أدركنا أننا بحاجة إلى نهج شامل يشمل الرفاهية الشخصية والصحة والسلامة البيئية." ومنذ تلك اللحظة، انتقلت قصة هذه العلامة التجارية نقلة نوعية من تركيزها الأصلي على العروض النباتية فقط إلى أن أصبحت تروج لأسلوب حياة شامل يعالج الاهتمامات الأوسع.
وقد عزز هذا التحول المحوري هوية "هاوس أوف بوبس"، كقناة للاختيارات الواعية. ويوضح كنعان ذلك بالقول: "أردنا أن نقدم لعملائنا شيئًا أكثر من مجرد الحلوى اللذيذة، حيث أردنا أن نقدم لهم أسلوب حياة مدروس بعناية". وقد أدى هذا التحول بالمهمة إلى تبني الشركة لنهج شامل فيما يتعلق بالعلامة التجارية، ألا وهو الترويج للخيارات التي ليست فقط مفيدة للأفراد، بل تسهم أيضًا بشكل إيجابي في الحفاظ على البيئة.
فوائد الاستقلالية
إن القرار الجريء الذي اتخذه مازن كنعان برفض مسارات الاستثمار التقليدية وذلك لضمان الاستقلالية هو قرار نابع من مزيج من القناعة الشخصية والبصيرة الاستراتيجية. وإن مزايـا هذا النهج كبيرة وبعيدة المدى. ويأتي في المقدمة منها الاحتفاظ بالملكية الكاملة والسيطرة على مسار الشركة. ويؤكد كنعان بأن "الحفاظ على الاستقلالية قد سمح لنا بالبقاء صادقين مع رؤيتنا وقيمنا الأساسية". وقد عززت البيئة المدفوعة بالاستقلالية اتخاذ القرارات السريعة والأجواء الملائمة للابتكار. ويقول كنعان مازحًا: "إذا أردنا، فإنه يمكننا بسهولة تقديم الفشار غدًا بدلًا من الآيس كريم".
ويدرك كنعان أن ملكيتهم المطلقة للشركة تضعها في وضع مثالي للنمو المتسارع. ويعد معدل النمو المذهل الذي حققته الشركة بنسبة 137% بمثابة شهادة على قيمة الاحتفاظ بالملكية. وهو بالتالي بمثابة استثمار استراتيجي في مستقبل العلامة التجارية.
وتعد الهوية الفريدة لشركة House of Pops ثمرة أخرى من ثمار استقلالها. إن التزام الشركة الصارم بقيم الصحة والاستدامة من خلال علامتها التجارية يجد وقعه وتأثيره الأصيل لدى المستهلكين، مما يميزها عن المنافسين التقليديين. وتعد حرية الاستدارة بسرعة والحفاظ على هذه السمعة أفضلية مميزة للشركة.
سلبيات الاستقلالية
إلا أن كنعان يعترف بصراحة بأن سعيهم نحو الاستقلال لا يخلو من التحديات، حيث كان التحدي الأكبر يتمثل في المخاطر المالية المتزايدة. ويوضح كنعان ذلك بالقول: "لقد قمنا باستثمار مدخراتنا الشخصية، وتأمين القروض المصرفية لدعم النمو". وقد تطلبت استراتيجية استخدام الموارد المالية الذاتية هذه إدارة مالية دقيقة، وتخصيصًا ذكيًا للموارد، وانضباطًا لا يتزعزع.
ويعترف كنعان بأن قياس وتيرة النمو يظهر أنه ربما كان أكثر مما كان يمكن للمستثمرين الخارجيين أن يحققوه. وربما كان المنافسون الذين يتمتعون بدعم مالي كبير قد سارعوا للتقدم إلى الأمام. ومع ذلك، فإن إيمان كنعان بالوتيرة العضوية يبرز من خلال التزامه بالحفاظ على الأصالة.
المخاوف والتطلعات
ووسط النجاحات والخطوات الواسعة، فإن مازن كنعان ليس بمنأى عن المخاوف التي قد يواجهها رائد الأعمال المستقل. ومن أهم هذه المخاوف يبرز ظل المنافسة الذي يلوح في الأفق من عمالقة القطاع، حيث يعترف كنعان صراحة بأن: "هناك خوف يبقيني مستيقظًا طوال الليل، وهو الخوف من دخول شركة كبيرة تفوقنا بميزانية تسويقية هائلة إلى السوق". إنه سيناريو يتخيله أثناء قيادته للسيارة على طول شارع الشيخ زايد الشهير، حيث تطل اللوحات الإعلانية الشاهقة للشركات التي كان يعمل لحسابها، والتي يتخيل بأنها تنظر محدقة اليه.
ويتمحور قلق كنعان حول مستقبل محتمل تقوم فيه هذه الشركات بتقديم الآيس كريم النباتي الخاص بها ، والذي يتنافس بشكل مباشر مع عروض هاوس أوف بوبس ..."تخيل اليوم الذي أقود فيه سيارتي على طول هذا الطريق وأرى فيه لوحة إعلانية ضخمة تعلن بفخر عن إطلاق خط إنتاج الآيس كريم النباتي من قبل شركة عملاقة"، كما يقول مازن متأملًا. حيث أن مثل هذا السيناريو الافتراضي يهدده في صميمه وجوهر شغفه – حيث يخشى من أن تتغلب الحملات التسويقية التي قد يقوم بها المنافسون الأكثر ثراء على القيم العالية وحس الفرادة اللذان أصبحا حجر الأساس شركة هاوس أوف بوبس.
لكن كنعان لا يدع هذه المخاوف تشل طموحاته. بل إنها تغذي تصميمه على ضمان بقاء هاوس أوف بوبس متميزة. وهو يدرك أنه لا يبيع منتجًا فحسب؛ بل يسوق لأسلوب حياة ، خيارًا واعيًا. ويؤكد كنعان: "إن ميزتنا لا تكمن فقط في بيع الآيس كريم النباتي المفيد للبيئة". "بل يتعلق الأمر بتعزيز أسلوب حياة واعي، وفلسفة يتردد صداها لدى الناس بما يتجاوز مجرد أذواقهم."
إن هذا لهو المكان الذي تتميز فيه هاوس أوف بوبس، حيث لا تقدم فقط الحلويات المجمدة، بل هي أيضًا بمثابة البوابة نحو أسلوب حياة أخلاقي.
قوة السلاسل التجارية (Franchising)
ومع التطورات الحاصلة في قصة هاوس أوف بوبس، ظهر حل استراتيجي تمثل في منح حق الامتياز التجاري (السلاسل التجارية أو franchising). ولم يفتح هذا النهج المبتكر المجال أمام التوسع السريع فحسب، بل نجح أيضًا في تفادي مشكلة تخفيف وضياع الملكية. ويقول كنعان متحمسًا: "إن نموذج الامتياز التجاري يتماشى تمامًا مع روحنا. إن نموذج أعمالنا الذي أثبت كفاءته يعمل على تمكين أصحاب الامتياز مع تعزيز التوسع بأقل قدر من المخاطر المالية".
وقد أدت هذه الخطوة الاستراتيجية إلى تضخيم النطاق الجغرافي والعروض المبتكرة، حيث مكن نموذج الامتياز رواد الأعمال المحليين من تبني رؤية هاوس أوف بوبس، مع الاستفادة من إطار عمل راسخ. وتهدف هذه العلاقة القائمة على المنفعة المتبادلة إلى الدفع بعجلة النمو وتحقيق الإيرادات في الوقت ذاته من خلال منح حق الامتياز التجاري للغير.
إن رحلة مازن كنعان بصفته الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة هاوس أوف بوبس قد رسمت صورة مقنعة للاستقلالية في العمل، حيث أدى القرار برسم مسار مستقل، بعيدًا عن المسارات التقليدية للمستثمرين، إلى ظهور علامة تجارية جسدت قيم مؤسسيها. وإن وصول تلك العلامة التجارية إلى الإمارات العربية المتحدة ولبنان والمملكة العربية السعودية والبحرين والكويت هو الخطة الوحيدة في الوقت الحالي. كما يبدو أن كنعان قد وضع المزيد من النجاحات نصب عينيه.