أنت تصف نفسك بأنك شخص متحمس لإحداث تأثير. ماذا تقصد بذلك بالضبط؟
لقد عملت لفترة طويلة في شركات ومؤسسات متعددة الجنسيات وشركات استشارية. ومع ذلك، عند بلوغ مرحلة ما، تبدأ في التساؤل عن مدى توافقك مع القيام بأشياء لا تؤمن بها أو اشياء لا تتماشى مع قيمك. ثم تبدأ بالتساؤل، هل أقوم حقا بإحداث تأثير؟ هل أقوم بصنع فرق؟
إننا في نديرة نرغب في أن نكون قادرين بأن نقول أننا فخورون عند النظر للوراء وذلك لأننا قد نجحنا في حل مشكلة اجتماعية - وفي حالتنا هذه فهي: سوء إدارة النفايات في المنطقة، نظرًا لانعدام وجود ثقافة إعادة التدوير. نحن نتخلص من أكثر من 95% من نفاياتنا ونعيد تدوير أقل من 5% منها فقط، بينما يمكننا إعادة تدوير ما يصل إلى 80% من النفايات إذا ما قمنا باتباع الخطوات الصحيحة.
كيف يعمل حل شركة نديرة؟
إن منتجنا Yalla Return هو عبارة عن منصة مدعومة بالتكنولوجيا تقوم على المشاركة والتفاعل من قبل المستخدمين. فنحن أولًا نساعد المجتمعات على فهم كيفية إعادة التدوير من خلال تطبيق يستخدم الرسوم البيانية والألعاب وحتى خوارزميات الذكاء الاصطناعي. وإذا قمت بعملية إعادة التدوير معنا، فستتلقى حقيبة بها رمز فريد من نوعه للاستجابة السريعة يسمح لنا بإخبارك ما إذا كنت تقوم بإعادة التدوير بشكل مقبول أم لا. فإذا كنت تقوم بإعادة التدوير بشكل جيد، سنمنحك أرصدة يمكن استبدالها نقدًا أو مكافآت. وإذا لم تكن تقوم بإعادة التدوير بشكل جيد، فسنساعدك على تحسين جودة ونوعية الفرز الذي تقوم به.
بالإضافة إلى ذلك، فإن نظام التتبع المتكامل الخاص بنا - والذي صممناه بحيث يكون مبنيًا على التفاعل الاجتماعي ومدعومًا بالتكنولوجيا - هو مميز بالفعل لأنه يضمن بأن هذه المواد القابلة لإعادة التدوير لن تضيع منك وسط النفايات الباقية (غير القابلة للتدوير). ونحن نقوم بالتمكين التكنولوجي لشركائنا الذين يقومون بجمع النفايات والذين يقومون بعملية جمع الأكياس. إن صناديق القمامة الخاصة بنا مميزة، حيث لا يمكن فتحها إلا باستخدام الهاتف وذلك من الأشخاص الذين يريدون بالفعل إعادة التدوير. وبهذه الطريقة، نضمن أنه يتم فقط جمع المواد النقية وعالية الجودة القابلة لإعادة التدوير دون أي تلوث.
لقد قمنا بتوسيع سلسلة القيمة المضافة من خلال إضافة عناصر مثل: المشاركة والالتقاط والفحص وكذلك التعليقات والتقييمات والتغذية الراجعة التي تسمح للنظام بأن يصبح أكثر دائرية وتجعل رحلة إعادة التدوير سهلة للغاية ومجزية.
ما هو التأثير الذي تمكنت من قياسه حتى الآن؟
لقد قمنا بتحويل أكثر من 1000 طن من المواد القابلة لإعادة التدوير عبر عملياتنا، وهو ما يعادل حوالي 100 مليار زجاجة كان من الممكن أن ينتهي بها الأمر في مكب النفايات، مما يجعلها دائرية ويقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون واستهلاك الطاقة.
لماذا اخترت النفايات وإعادة التدوير على وجه الخصوص؟
لم تكن النفايات ضمن تخصصي، ولكن في عام 2015، كانت هناك أزمة نفايات كبيرة في لبنان، موطني الأصلي، حيث بدأت أتساءل كيف يمكنني أن أكون جزءا من الحل، بالنظر الى أن الحكومات اللبنانية لم تكن فعالة تماما في معالجة هذه المشاكل.
ولقد بدأنا العمل بطريقة تقليدية للغاية، ولكن عندما فاجأنا فيروس كورونا، تقدمنا بطلب إلى برنامج من برامج تسريع الأعمال على أساس فرضية أن سوء إدارة النفايات هو مشكلة سلوكية يمكن معالجتها باستخدام التكنولوجيا وتخصيص الرسائل.
لماذا قررت إنشاء نديرة في أبوظبي؟
بعد أن انتهينا من تحسين المفهوم، قمنا بالتأسيس في أبوظبي من خلال التعاون مع مؤسسة "معًا" وهي هيئة المساهمات الاجتماعية، التي قدمت لنا منحة مالية وسمحت لنا بإجراء مشروع تجريبي.
لقد أحببنا حقًا النظام البيئي المترابط في أبوظبي: نحن الآن شركة من شركات أبوظبي القابضة ADQ؛ نحن مرتبطون بهيئة معًا؛ ونحن نعمل مع شركتي الدار وتدوير (شركة أبوظبي لإدارة النفايات). بمجرد دخولك إلى النظام البيئي، فإنه يتيح لك الوصول إلى جميع هذه الشركات المختلفة، بالإضافة إلى الحكومات والشركات المملوكة للحكومة.
كيف تفسر النمو السريع الذي حققته شركة نديرة؟
لقد التزمنا دائمًا بالنمو السريع لأننا ندرك أن العوائد لدينا منخفضة جدًا لكل وحدة من الوحدات التي نقوم ببيعها. حيث أننا لا نبيع السلع الفاخرة، بل نشتري ونعيد بيع المواد القابلة لإعادة التدوير. لذا، لكي نتمكن من الاستمرار وتغطية نفقاتنا العامة وتحقيق الربح، علينا أن نسرع.
كما أننا محظوظون لأن لدينا شركاء وثقوا بنا، وهو أمر لم يكن سهلًا تحقيقه بالمرة ولم يحدث بين عشية وضحاها. ولنأخذ شركة PepsiCo، كمثال: فمن مشروع صغير في لبنان في عام 2021، انطلق الآن مشروعًا ضخمًا عبر مجتمعات متعددة.
ما مدى صعوبة إشراك هذه المنظمات والهيئات الكبرى؟
لقد كان المفتاح بالنسبة لنا هو عقد اجتماعات مع هذه الكيانات المختلفة التي يصعب اختراقها والتي تكون بيروقراطية في بعض الأحيان، وكان علينا أن نتحلى بالصبر الشديد والمثابرة. كما يجب عليك أن تطلق العنان بعض الشيء لمخيلتك وأحلامك وأن تؤمن بشدة بمنتجك، وأن تعرف القيمة التي تجلبها معك إلى الطاولة وأن تستمر في المثابرة حتى تنجح في توصيل الصورة بوضوح لهم بحيث يرونها مثلما تراها انت.
ما هي التحديات الأخرى التي تواجهها؟
إن إطلاق شركة ناشئة أمر صعب، ولكن إطلاق شركة ناشئة في بيئة شديدة التنظيم مثل [إدارة] النفايات هو أمر أكثر صعوبة، حيث يتطلب الأمر الكثير من الموافقات الحكومية، خاصة إذا كنت تفعل ذلك بطريقة جديدة وفريدة لم يتم تطبيقها من قبل. و بالنسبة لنديرة، فقد أنشأنا نظامًا جديدًا تمامًا حصلنا له على براءة اختراع على المستوى العالمي.
إن ما جعلنا نستمر كفريق هو تصميمنا، وهذه هي قوة الشركة الاجتماعية الناشئة. إن ما يدفعنا كل صباح ليس هو كسب المال؛ وإنما لأنه يحدث تأثيرًا.
ومع ذلك، لا بد أن لديكم نموذج للأعمال التجارية (كونكم شركة). فما هو؟
نحن نبيع المواد القابلة لإعادة التدوير بأنفسنا. وعلى الرغم من أننا كنا تاريخيًا نعمل في الغالب مع الأفراد والسلع الاستهلاكية سريعة الحركة، فقد حصلنا الآن على مشاريع بمكاتب ومراكز تسوق. إن الكيانات التجارية ووحدات التجزئة تولد كميات كبيرة من النفايات التي نود أن نتعامل معها أيضًا.
كيف تجد التوازن بين إحداث التأثير والحاجة إلى حد أدنى من الربحية؟
لا تكمن أولويتنا اليوم في تحقيق الربح، بل في أن نثبت أن نموذجنا يعمل على نطاق واسع. ونحن نعمل الآن في 15 مجتمعًا في دولة الإمارات العربية المتحدة، ولدينا 50 مشروعًا آخر مؤكدًا قيد التنفيذ. إن العمل في 15 مجتمعًا هو بالتأكيد أمر جميل ورائع، ولكن العمل في 65 مجتمعًا هو بمثابة نجاح على نطاق واسع. وإذا ما تمكنا من القيام بذلك، فإن الخطوة التالية ستكون العمل عبر المدن. وهذا ما نركز عليه اليوم.