بدأت الاستثمارات في مجال التكنولوجيا النظيفة تكتسب شعبية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين كقطاع واعد للمستثمرين الباحثين عن تقنيات صديقة للبيئة ونظيفة. إلا أن الأزمة المالية العالمية لعام 2008 قد تسببت في انهيار هذا القطاع. وفي السنوات الخمس الماضية، فقد حصل ارتفاع في قيمة الاستثمارات في مجال تكنولوجيا المناخ. والإمارات العربية المتحدة هي واحدة من الدول التي أدركت إمكانات قطاع التكنولوجيا النظيفة، حيث أن بعض المجالات الرئيسية التي يمكن لشركات التكنولوجيا النظيفة تركيز جهودها فيها تتضمن: مشاريع تحويل النفايات إلى طاقة، ومعالجة المياه، والصرف الصحي، وإدارة النفايات، وإعادة التدوير.
مشاريع استعادة الطاقة
إن مشاريع تحويل النفايات إلى طاقة تعتبر واحدة من الفرص المهمة لشركات التكنولوجيا النظيفة في الإمارات العربية المتحدة. وقد أعلنت شركة الإمارات للماء والكهرباء (EWEC) ومركز أبوظبي لإدارة النفايات (تدوير) عن خططهما لبناء اثنتين من أكبر محطات توليد الطاقة في المنطقة لتحويل النفايات إلى طاقة، وذلك لتقليل حجم النفايات التي يتم ارسالها للدفن وبالتالي تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ومن المتوقع أن تعالج محطة شركة الإمارات للماء والكهرباء الجديدة في أبوظبي ما يصل إلى 900,000 طن متري من النفايات سنويًا، وهو ما يكفي لتوليد الطاقة لما يقرب من 22,500 منزل.
فلترة وتنقية المياه
تواجه الإمارات العربية المتحدة تحديًا متملًا في ندرة المياه ومحدودية الموارد الطبيعية، كما تعمل لوائحها التنظيمية على تقييد استخدام المياه الجوفية بشكل خاص. وتعمل دائرة الطاقة في أبوظبي (DoE) وشركة الإمارات للماء والكهرباء على تحسين كفاءة محطات تحلية المياه لتعزيز أجندة الأمن المائي في الدولة. كما أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة استراتيجية الأمن المائي للعام 2036 لضمان الاستدامة والوصول المستمر إلى المياه خلال الظروف العادية والطارئة.
ويعد برنامج التعزيز الاستراتيجي للأنفاق (STEP) أحد المشاريع الهامة التي تنفذها شركة خدمات الصرف الصحي بأبوظبي (ADSSC) لزيادة القدرة على جمع مياه الصرف الصحي ومعالجتها.
إدارة النفايات وإعادة التدوير
لقد كانت إدارة النفايات في دولة الإمارات العربية المتحدة تمثل تحديًا، سيما مع وجود بعض الفجوات في السياسات والبنى التحتية والعمليات. إلا أن الإمارات قد سارعت لاتخاذ خطوات لتحسين هذا المجال من خلال تطوير قطاعات متماسكة ومتينة لإعادة التدوير وإدارة النفايات، حيث يتم تنسيق إدارة النفايات من خلال السلطات المحلية والبلديات في كل إمارة بمفردها. وتبحث الحكومة عن تقنيات جديدة لإعادة تدوير مياه الصرف الصحي وتحسين معالجة تلك المياه. وتقوم مياه الصرف الصحي التي تمت معالجتها بتلبية المتطلبات الصناعية والزراعية للبلد، وحيث يعد تطوير وتوسيع شبكات جمع ومعالجة مياه الصرف الصحي أمرًا أساسيًا لإدارة الموارد المائية الشحيحة.
استيقاظ العالم على واقع أن كوكبنا في مأزق
يتسبب تغير المناخ في تدمير بيئتنا، والأمر راجع لنا لاتخاذ الإجراءات اللازمة. ولحسن الحظ ، فإن بعض الشركات تتقدم إلى الصدارة وتخوض معركة الاستدامة بطرق فريدة. وفيما يلي القليل من هذه الشركات ممن نود تسليط الضوء عليها:
GoReccap: تحويل إعادة التدوير إلى لعبة
GoReccap.com هي شركة استدامة ناشئة للخدمات الرقمية تستخدم أنظمة الألعاب والمكافآت لتعزيز ثقافة التقليل من النفايات وإعادة التدوير في الإمارات العربية المتحدة. وهي تعتقد أن تثقيف الجمهور بشأن إعادة التدوير وتقليل النفايات أمر بالغ الأهمية، حيث توفر منصتها ميزة فريدة في هذا الصدد. وتستخدم جو ريكاب المسابقات والمكافآت لتشجيع الأشخاص على إعادة التدوير وجعل العملية ممتعة ومجزية. كما أنها تعمل مع المدارس والشركات لزيادة الوعي وتثقيف الأجيال الشابة حول أهمية إعادة التدوير.
يودرايف: توفير القدرة على التنقل للجميع بتكلفة معقولة
يودرايف هي شركة ناشئة لتأجير السيارات يقع مقرها في الإمارات العربية المتحدة وتهدف إلى توفير وسائل النقل بحيث يمكن للجميع الوصول إليها بسهولة وبأسعار معقولة. ويوفر نموذج الأعمال المبتكر الخاص بهذه الشركة خدمة تأجير السيارات عند الطلب من خلال واجهة رقمية بالكامل، مما يسمح للعملاء بالدفع مقابل الإيجارات بالدقيقة أو باليوم. وتقوم يودرايف بتحفيز العملاء على إعادة تزويد السيارات بالوقود وتقدم رصيدًا مجانيًا لتعويضهم مقابل ذلك. كما أنها تقوم بسداد مقابل وقوف السيارات، بغض النظر عن مكان توقف العملاء، سواء في دبي أو أبوظبي. أما تركيز يودرايف على توفير حلول التنقل للجميع بشكل سهل الوصول وبأسعار معقولة فهو نابع من فلسفة الشركة وقناعتها العميقة بأن التنقل هو حق إنساني.
تيرا تك: الثورة القادمة في قطاع النقل
تركز شركة تيرا تك التكنولوجية المحدودة على إحداث ثورة في نظام النقل التقليدي نحو مستقبل نقل مستدام ومبتكر، حيث قامت بتطبيق نظام تبديل للبطاريات يتيح للسائقين تغييرها بسهولة عند الحاجة، مما يقلل من أوقات التوقف عن العمل. كما عملت أيضًا على معالجة مشكلة الأميال، والتي كانت تمثل مشكلة حرجة لسائقي التوصيل الذين يحتاجون إلى السفر لمسافات تتراواح ما بين: 250-300 كيلومتر يوميًا. وتتمثل رؤية الشركة في توفير حلول نقل خاصة بكل منطقة وبلد، والحد من انبعاثات الكربون وجعل النقل في متناول الجميع.
مستقبل تكنولوجيا الاستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة
لقد أدى الوعي المتزايد بتغير المناخ إلى ظهور شركات جديدة واهتمام المستثمرين الرأس ماليين. ووفقًا لـتقرير مؤسسة برايس ووترهاوس عن حالة تكنولوجيا المناخ لعام 2022، فقد تم ضخ أكثر من 260 مليار دولار أمريكي من أموال رأس المال الاستثماري في شركات تكنولوجيا المناخ منذ بداية عام 2018. إن تقنيات المناخ هي فرع من فروع التكنولوجيا النظيفة التي تركز على التكنولوجيا التي تعمل بشكل خاص على تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وفي عام 2022، ذهب أكثر من ربع إجمالي التمويل العالمي لرأس المال الاستثماري (المغامر) إلى تكنولوجيا المناخ.
وتعد منصة Hub71 نظامًا بيئيًا عالميًا للتكنولوجيا يعمل على تمكين الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا من التوسع عالميًا من عاصمة الإمارات العربية المتحدة. وبدعم من حكومة أبوظبي وشركة مبادلة للاستثمار، فإن منصة Hub71 لها تأثير قوى جدًا على النظام البيئي للشركات الناشئة. واليوم، يعد هذا النظام البيئي موطنًا لأكثر من 200 شركة ناشئة تعمل في قطاعات ذات أهمية استراتيجية وتساهم في تنويع اقتصاد أبوظبي.
إن الشركات التي ذكرناها في هذا المقال لها تأثير كبير في مجالات تخصصها، ولا يسعنا إلا أن نأمل في أن تحذو المزيد من الشركات حذوها. فمن خلال تعزيز الاستدامة، فهي لا تساعد البيئة فحسب، بل تجعل العالم مكانًا أفضل للجميع.