وفي حين تشتهر دولة الإمارات العربية المتحدة بابتكاراتها في مجالات مثل النقل والتكنولوجيا المالية والعقارات، فإن رواد الأعمال المحليون لم يدخروا أي جهد عندما كان الأمر يتعلق باستكشاف المجالات التي تحتاج إلى تحول في القرن الحادي والعشرين.
ولا يزال قطاع الصحة النفسية في الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عمومًا غير مكترث به، حيث لا تزال مواضيع مثل القلق والاكتئاب مثارًا للجدل في العديد من موائد العشاء واجتماعات الموارد البشرية. ومما لا يساعد بالنسبة لهذا الموضوع هو أنه بالإضافة إلى ما ينظر إليه من كونه وصمة عار اجتماعية، فإن تكاليف علاجه في الإمارات العربية المتحدة هي من بين الأعلى في العالم. وقد وجدت دراسة حديثة أن الإمارات العربية المتحدة كانت ثاني أغلى دولة في العالم لقاء طلب المساعدة، بمتوسط 163 دولارًا لجلسة علاج مدتها ساعة واحدة، بعد سويسرا، حيث يتقاضى المستشارون 206 دولارات للجلسة في المتوسط.
كما لم يقدم الوباء الأخير للعالم أي خدمة، لأن العزلة المطولة بسبب عمليات الإغلاق المتكررة لم تؤد إلا إلى تضخيم الشعور بالوحدة وتحديات الصحة النفسية الأخرى.
وفي ضوء كل هـذا، فإن Takalam التي تعني بالعربية "تكلم/تحدث"، وهي شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا الصحية مقرها أبوظبي وتقدم استشارات في مجال الصحة النفسية عبر تطبيق حدسي، تقوم بالمساعدة في تطبيع طلبات الحصول على المساعدة للأشخاص من جميع الأعمار، وبأسعار معقولة. وقد تم إطلاق "تكلم" خلال عام 2020 ومقرها في المركز 71، وهي تتيح جلسات للأفراد والأزواج والمؤسسات التي تسعى إلى دعم الصحة النفسية لموظفيها.
ويتماشى التحول الرقمي لقطاع الصحة النفسية في "تكلم" مع جهود وزارة الصحة ووقاية المجتمع (MOHAP)، التي أعلنت في عام 2019 عن إطلاق عدد من تقنيات الحلول الرقمية في المجال العقلي والنفسي، والتي تهدف إلى أن يؤدي ذلك إلى "نقلة نوعية في مجال المعالجات السريرية "، بحسب حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقد تحدث منصة أبوظبي للأعمال مع خولة حماد، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "تكلم"، وهي مشروع تـدعـمه شـركـة Abu Dhabi Plug and Play، لمعرفة المزيد عن منصتها المثيرة للاهتمام، وعن مدى الحاجة إلى مثل هذه الخدمة في منطقة لا تزال تتردد في مناقشة المسائل المتصلة بالصحة النفسية.
هل يمكنك أن تشاركينا حكاية "تكلم"؟ ما الذي دفعك إلى إنشاء شركتك هـذه؟
بينما كنت أعاني من اكتئاب ما بعد الولادة قبل بضع سنوات، كنت أبحث عن حل سهل وخاص للتواصل مع طبيب نفساني لطلب الدعم، حيث كان من المستحيل تقريبًا العثور على مثل هذه الخدمة. ولما كنت أعرف أنني لست الوحيدة التي تواجه هذه المشكلة، لذلك قررت إيجاد الحل، ومن هنا ولـدت شركة "تكلم". ويعاني فرد واحد من بين كل 4 أفراد من الاكتئاب والقلق، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث يحول عائق اعتبار طلب المساعدة بمثابة وصمة عار دون طلبها. ومع "تكلم"، نقوم بحل العديد من المشكلات التي نواجهها عند طلب المساعدة، بما في ذلك تسهيل الوصول والخصوصية، فضلًا عن تقديم حلول ميسورة التكلفة مقارنة بالقنوات التقليدية لتلقي العلاج.
تظل الصحة النفسية وما يتصل بها من علاج من المحرمات إلى حد ما في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إذن كيف تتغلب "تكلم" على وصمة العار المرتبطة بطلب المساعدة، وفي نفس الوقت تسهيل تأمين المساعدة للأشخاص الذين يحتاجونها؟
لطالما كانت وصمة العار الاجتماعية مشكلة لزمن طويل، حيث يرجع ذلك في الغالب إلى التصور السلبي المعزز ثقافيًا والمرتبط بأولئك الذين قـد يحتاجون إلى دعم في مجال الصحة النفسية. وإن منصة مثل "تكلم" تخفف من هذا القلق من خلال توفير حلول خاصة وسرية يميل الناس إلى استخدامها.
وعلاوة على ذلك، فإنه بسبب جائحة كوفيد 19، أصبحت الصحة النفسية محور اهتمام العديد من الحكومات والمجتمعات حول العالم التي أدركت أهميتها. فوفقًا لدراسات مختلفة أجرتها الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، فإن واحدًا من بين كل 3 أشخاص تعافوا من كوفيد 19 واجه تحديات صحة نفسية بعد الشفاء. لـذا أصبحت الحاجة إلى خلق الوعي وتبني موضوع الصحة الع أمرًا ضروريًا للتخفيف من أزمتها والسيطرة عليها كون أن الاعتلال النفسي يمكن أن ينجم أيضًا عن الوباء.
ما هي اللحظات التي يمكن أن تصفها بـالحاسمة" لـ"تكلم" حتى الآن؟
لقد كان من دواعي السرور بشكل لا يصدق أن نرى التأثير الجاد الذي أحدثناه من خلال تقديم خدماتنا. حيث لا يكاد يمر يوم دون تلقينا تعليقات المستخدمين التي تشير إلى الكيفية التي أدى بها دعمنا إلى إحداث تأثير في مجريات حياتهم فيما يتصل بكيفية تغيير وجهات نظرهم بشأن تحدياتهم الشخصية وتبنيهم طلب المساعدة عبر حلول تقنية.
وعلاوة على ذلك، فإن الرحلة المتسارعة التي مرت بها "تكلم" منذ بدايتها سمحت لنا بالتواصل مع المستخدمين من أكثر من 25 بلدًا حول العالم، بواسطة أكثر من 60 خبيرًا مرخصًا في مجال الصحة النفسية يتحدثون ما يزيد عن 20 لغة، وإطلاق تطبيق للجوال بأكثر من 10,000 عملية تنزيل في نطاق مدى زمني يبلغ الشهرين، وإجراء أكثر من 100,000 دقيقة استشارة طبية، وعقد جولة تمويل ناجحة بقيمة مليون دولار لتنمية "تكلم" وخدماتها.
وقد حصلت "تكلم" أيضًا على العديد من الجوائز، بما في ذلك جائزة Wellness Platform لعام 2020، وجائزة Agility المقدمة من قبل مجلة رجال الأعمال في الشرق الأوسط، وتم الاعتراف بها كواحدة من ست شركات ناشئة في مجال التكنولوجيا الصحية يتم البحث عنها في الإمارات العربية المتحدة وفقًا لمجلة CIO.
ما هي التحديات التي واجهتك حتى الآن عند تقديم نموذج عملك الجديد إلى المنطقة؟ أيضًا، ما هي الدروس اللاحقة التي تعلمتيها؟
كما هو الحال مع جميع الأفكار أو المقاربات الجديدة، كان هناك قدر لا بأس به من المقاومة من قبل الأفراد والكيانات والمستثمرين، الذين صرحوا بشكل قاطع أن هـذا لن ينجح ببساطة لأنه لم يكن مهمًا من وجهة نظرهم. ولقد رحبنا بتشكيكهم وقمنا بتحويله إلى تحـد ساعدنا على تحسين قيمتنا الافتراضية وعروضنا، وبالتالي قمنا بتحويل بعض هؤلاء المتشككين إلى مؤمنين، وفي حالات أخرى إلى عملاء.
وإنه ليسعدنا أن يكون لدينا مجموعة من المستثمرين الذين يؤمنون بالقضية والمهمة التي لدينا ويثقون بنا كمؤسسين. ونحن نهدف إلى مواصلة النمو والتواصل مع المستثمرين الاستراتيجيين الذين يتماشون مع رؤية ورسالة "تكلم"، حيث يمكنهم مساعدتنا في تنمية ما بنيناه، في كل من الإمارات العربية المتحدة وخارجها.
ما هو الدعم الذي تلقيته حتى الآن من كيانات نظم بيئية مثل Plug and Play Abu Dhabi, ADIO, Emirates Angels؟ ولماذا كان هذا حاسمًا في تطوير شركتك ونجاحها؟
يشرفنا ويسعدنا أننا كنا واحدة من الشركات الناشئة التي قامت تلك الكيانات المختلفة في النظام البيئي بتمكينها. وفي الواقع، فإنه بدون الدعم الذي تلقيناه من كل واحد من تلك الكيانات، لم نكن لنتمكن من تحقيق الاجتذاب والنجاحات التي شهدناها حتى الآن في مثل هذه الفترة الزمنية القصيرة. فكل واحد من تلك الكيانات كان بمثابة مضاعف للقوة بالنسبة لنا بطرق فريدة ونحن ممتنون للدعم الذي تلقيناه منها.
ماذا بعـد بالنسبة لـ"تكلم"؟
ستواصل "تكلم" تحسين خدماتها وبناء منتجات جديدة لضمان أفضل خبرة لتلبية احتياجات مستخدميها. وفي الوقت نفسه، نقوم بهمة عالية بمتابعة استراتيجية النمو الخاصة بنا على الصعيد الدولي، ولا سيما البحث عن تلبية الطلب الذي نراه في المملكة العربية السعودية.
كما نهدف إلى المساهمة بشكل مباشر في خطة رؤية 2030 للقيادة الحكيمة والتي تركز بشكل كبير على زيادة مؤشر العيش في المملكة من خلال تعزيز رفاهية المجتمع.