وفي مقابلة معنا، صرح الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة يودرايف، نيكولاس واتسون، أن "التنقل هو حق إنساني" وأن القدرة على التنقل ضرورية للبقاء على قيد الحياة. وقد تبنت الشركة هذه الفلسفة وجعلت مهمتها توفير التنقل للجميع في الإمارات العربية المتحدة، بغض النظر عن مستوى الدخل.
نيكولاس واتسون ،الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة يودرايف
التحول من الاستئجار التقليدي للسيارات إلى الدفع بالدقيقة
وقد بدأت الشركة، التي كانت تُعرف سابقًا باسم AIMEX Car Rentals، كشركة تأجير سيارات تقليدية بإيجارات أسبوعية أو شهرية طويلة الأجل. ثم ظهرت فكرة إنشاء يودرايف حينما أدركت الشركة أن لديها فجوة في السوق - حيث لم تكن قادرة على دعم أحد موظفيها الذي احتاج إلى سيارة لبضع ساعات لأن كافة سياراتها كان قد تم تأجيرها لمدات طويلة. حيث أدى ذلك إلى إدراك الشركة بأن هناك فرصة لتخصيص جزء من أسطول سياراتها للتأجير قصير الأجل. ولكن التحدي القائم كان أنه لم يعد من الممكن الاعتماد على النموذج التقليدي لتأجير السيارات، والذي يتضمن عنصرًا بشريًا في تسليم المفاتيح للسائق، وذلك بالنظر للاتجاه الجديد لهذه الشركة التي باتت تهدف إلى توفير إيجارات قصيرة الأمد للعملاء تصل إلى دقيقة واحدة.
وهكذا، فقد ولدت يودرايف بواجهة رقمية بالكامل تسمح للعملاء باستئجار سيارة بأقل من دقيقة واحدة أو حتى متر واحد. ومن المثير للاهتمام، أن يودرايف لم تتطلب تمويلًا خارجيًا لنموذج أعمالها الجديد، حيث قامت بتحويل نموذج أعمالها بالكامل بين عشية وضحاها، من التأجير التقليدي للسيارات إلى "الدفع بالدقيقة" رقميًا.
نموذج أعمال مبتكر ورقمي بالكامل
ويعتمد نموذج الأعمال المبتكر للشركة على توفير خدمات تأجير السيارات عند الطلب من خلال واجهة رقمية بالكامل، دون الحاجة إلى مشاركة أو تدخل بشري. حيث يمكن للعملاء دفع الإيجار بالدقيقة أو باليوم، وتشمل الرسوم الوقود ومواقف السيارات والتأمين الكامل. إن شعار شركة يودرايف هو "تولى أنت القيادة وسوف نهتم نحن بالباقي"، وهو تلخيص جيد نهج الشركة في توفير خدمة تأجير سيارات خالية من المتاعب. ولقد نجح هذا النموذج في دولة الإمارات العربية المتحدة بسبب الظروف الديموغرافية والاقتصادية الفريدة في المنطقة.
حيث يوجد في الإمارات العربية المتحدة عدد كبير من السكان المغتربين، والذين منهم الكثير من ذوي الدخل المتوسط إلى المنخفض ممن لا يرغبون في امتلاك سيارات، في حين أنهم يفضلون استئجار واحدة عند الحاجة. وإن شركة يودرايف تقدم حلًا ميسور التكلفة ومرنًا لهذا السوق، مما يسمح للعملاء باستخدام السيارة فقط عندما يحتاجون إليها، دون عبء الملكية أو الاستئجار على المدى الطويل.
ولتبسيط عملية التأجير بشكل أكبر، فقد قامت يودرايف بدمج التكنولوجيا في عملياتها. حيث يمكن للعملاء إعادة تزويد السيارة بالوقود في أي محطة وقود، وستقوم يودرايف بتعويضهم بـ 15 درهم كرصيد مجاني. ولذلك فمن الناحية الفنية، تحفز يودرايف العملاء على إعادة تزويد السيارات بالوقود. وبالإضافة إلى ذلك، تقوم الشركة بالدفع مقابل مواقف السيارات، بغض النظر عن مكان وقوف العملاء في دبي أو أبوظبي. حيث لم يعد العملاء بحاجة إلى أن يقلقوا بشأن الدفع مقابل وقوف السيارات أو إخراج هواتفهم النقالة للدفع.
وأما بخصوص توجه الشركة في التركيز على توفير حلول التنقل سهلة الوصول وبأسعار معقولة فهو نابع من فلسفتها بأن "التنقل هو حق من حقوق الإنسان". وإن هـذه الفلسفة مناسبة بشكل خاص في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تكون خيارات النقل العام محدودة، وقد تكون ملكية السيارات باهظة الثمن لكثير من الناس، حيث تهدف يودرايف إلى سد هذه الفجوة من خلال توفير بديل مناسب لامتلاك السيارة، يمكن الوصول إليه وبأسعار معقولة.
من الاكتفاء الذاتي إلى الحاجة للتمويل، بسبب الجائحة
لكن يودرايف كانت بصدد مواجهة أكبر تحد لها عندما ضرب الوباء (كوفيد 19) ضربته، ودخلت الإمارات العربية المتحدة في إغلاق صارم، مما أدى إلى عدم قدرة الشركة على العمل لمدة شهرين ونصف. وكان على الشركة التعامل مع التحديات التشغيلية التي صاحبت الإغلاق، إلى جانب الخسارة المفاجئة في الإيرادات. وللتغلب على ذلك، كان على الشركة جمع الأموال من المستثمرين، وكان هذا تحديًا كبيرًا بالذات أثناء الوباء.
وعلى الرغم من التحديات، فقد تمكنت يودرايف من جمع الأموال من المستثمرين الذين آمنوا بها ومن ثم أثبتت الشركة نجاحها في جمع المزيد من الأموال من خلال التمويل الجماعي، حيث مكن ذلك الشركة من استئناف عملية زيادة رأس المال بالكامل والاستمرار في توسيع أسطولها من السيارات والعمليات.
مهووسون بتجربة العملاء
يعزى نجاح الشركة أيضًا إلى تركيزها على تجربة العملاء. فقد ركزت يودرايف على تجربة العملاء من خلال توفير الشفافية الكاملة بشأن أسعارهم وتجنب الرسوم الإضافية. ويقول واتسون في هذا الخصوص أنهم في يودرايف لا يحاولون بيع سيارات باهظة الثمن، لكنهم بدلًا من ذلك يخبرون عملاءهم مقدمًا بخيارات وقوف السيارات والرسوم الإضافية، بحيث لا يضطر العملاء إلى البحث من خلال طرق وقنوات الأخرى لمعرفة المزيد عن هذه الأمور. وعلاوة على ذلك، فإن الشركة لا تتقاضى أي رسوم إضافية، حتى خلال ساعات الذروة، فالسيد واتسون على قناعة بأن العملاء لا يحبون هذه الرسوم الإضافية.
كما يعتقد واتسون أن السبب وراء عدم اعتماد شركات تأجير السيارات الأخرى مثل هذا النموذج هو أن نماذج أعمالها التقليدية أدت إلى درجة عالية من "التسليع"، مما يعني أنه يتعين على أمثال هذه الشركات الاعتماد على التكاليف الإضافية، مثل فرض رسوم إضافية أو فرض قيمة أعلى للتأمين على العميل المستأجر إن أراد إضافة اسم سائق آخر لنفس عقد الإيجار، وذلك للحصول على المزيد من المال. أما من ناحية أخرى، فإن الدافع الذي يحفز يودرايف هو توفير تجربة جيدة للعملاء وذلك من خلال تقليل عبء التكلفة عليهم.
وتقوم الشركة أيضًا بدمج تكلفة تأمين السيارة ضمن أسعارها بحيث يمكنها تقديم خدمات تأجير للسيارات دون طلب ودائع مستردة. ويعترف واتسون بأن هناك بعض المخاطر التي ينطوي عليها هذا النهج، لكنه يعتقد أنها مخاطرة جديرة بالخوض، حيث أن الغالبية العظمى من عملاء الشركة هم أشخاص طيبون وليس لديهم أي نوايا سيئة. ويقول إن نموذج أعمال يودرايف مبني على الثقة، وهي شيء غالبًا ما تفتقر إليه شركات التأجير التقليدية.
ويؤكد واتسون أن تبني نموذج أعمال يركز على العملاء ليس رحلة سهلة، لأنه يتطلب رقمنة الأعمال وبناء التكنولوجيا للتعامل مع جميع الجوانب التشغيلية. وقد قامت يودرايف بإجراء أكثر من 2.4 مليون رحلة منذ إنشائها، حيث لا تزال الشركة تعمل على تحسين تجربة عملائها من خلال الرقمنة.
الهدف أن نصبح الخيار المفضل للتنقل
إن يودرايف لديها خطط كبيرة لمستقبل شركتها ولقطاع النقل. ويقول واتسون أن الشركة تدهش العقول بالفعل بعروضها الحالية، بما في ذلك خيارات التأجير عند الطلب بدون ودائع للتأمين. ومع ذلك، فإنه يشير إلى أن هذا مجرد غيض من فيض، حيث هناك خطط لتوسيع نطاق الشركة بسرعة خلال العقد المقبل.
ووفقًا لواتسون، ينصب تركيز يودرايف الأساسي للعام المقبل على الرقمنة وتبسيط تجربة العملاء لجعل استئجار السيارات أسهل ما يمكن. وهو يتصور أن تصبح الشركة فعالة للغاية لدرجة أن العملاء سيفضلون اختيار يودرايف على أشكال النقل الأخرى. وتخطط الشركة أيضًا لتوسيع وجودها في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي.
ومع حقيقة أن 85 ٪ من أعمال يودرايف تأتي من المقيمين داخل الدولة ولبس السياح، فإن واتسون واثق من أن الشركة قادرة على تحمل أي أزمة اقتصادية عالمية قد تؤثر على صناعة السياحة.
وبينما تستعد يودرايف لإغلاق جولة تمويل من السلسلة B، فإن واتسون متفائل بشأن مستقبل الشركة. ومع خطط التوسع السريع والتمدد الى كافة أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي، تستعد يودرايف لتغيير قطاع تأجير السيارات في المنطقة وخارجها.