في خضم معمعة الابتكارات وحلول الشركات الناشئة في مجال الصحة على مستوى المنطقة، لا يزال هناك قسم معين جديد تمامًا على الساحة، على الأقل في النطاق الإقليمي، ألا وهو: التعافي.
وفي السنوات الأخيرة، رأينا دول مجلس التعاون الخليجي تركب تدريجيًا موجة الاستعفاء التي اجتاحت العالم الغربي، حيث تخصص أعداد متزايدة من الناس الوقت لتحسين عافيتهم، سواء أكان ذلك عن طريق التعليم الذاتي أو تغيير نمط الحياة.
وتقوم شركة فاليو - وهي شركة إماراتية ناشئة صاعدة نجحت بالفعل في غضون أقل من عام من إطلاقها - في الحصول على 3 ملايين دولار من التمويل الأولي من مستثمرين بارزين مثل: GFC وشركة النواة لرأس المال، و Global Ventures - باستهداف هذه الشريحة من الصناعة الصحية.
ماذا تقدم فاليو؟
لقد أثرت زحمة الحياة اليومية الحديثة بشكل كبير على الصحة والرفاهية حيث أن هناك تزايدًا في عدد الأشخاص الذين يشتكون من شعورهم الدائم بالتعب أو الإرهاق أو الانسحاق. والعافية، كما تعرّفها شركة فاليو، تدور حول تحسين التجربة المعيشية الشاملة للشخص من خلال فهم الجسم واحتياجاته.
حيث صرحت نادين كارداج - المؤسس المشارك ومدير العمليات في شركة فاليو - لمنصة أبوظبي للأعمال بأن "النصيحة الصحيحة في الوقت المناسب، بناء على بياناتك الشخصية، يمكنها أن تغير حياتك". واستطردت قائلة "بأننا نقوم من خلال شركة فاليو، بتسهيل هذه العملية للعميل من خلال تسهيل إمكانية إجراء الاختبارات الصحية اللازمة وكذلك الحصول على نصائح وتوصيات ذات مصداقية."
وكخلاصة، تقدم الشركة المذكورة الناشئة للمستخدمين حزمًا يمكنهم طلبها من خلال التطبيق الإلكتروني، وتجمع من جهة بين الاختبارات الصحية القابلة للإجراء منزليًا، ومن جهة أخرى تقديم النصائح الشخصية من قبل مدربين معتمدين في مجموعة متنوعة من المجالات مثل: نمط الحياة والتغذية وإرشادات الحركة.
حيث يقوم المستخدم بطلب حزمة ما، فيتم إرسال ممرض إلى منزله في الوقت الذي يختاره لإجراء فحص للدم. ثم يتم أخذ عينة الدم هذه إلى معامل التحليل التابعة للشركة، ويتم تحليل النتائج ومشاركتها مرة أخرى مع المستخدم، الذي يقوم بدوره بتلقي ملاحظات ونصائح ذات صلة بالموضوع من مدربي فاليو المعتمدين، والذين يكونون متاحين للاستشارة من قبل العميل. وتتضمن النتائج بيانات حيوية مثل مستويات الفيتامينات في الجسم وكذلك مستويات الحديد ومستويات الزنك وغير ذلك، مما يسمح للمدرب بالمساعدة وإعداد النصائح المخصصة لتلبية احتياجات جسم المستخدم.
وقد أشارت نادين إلى أن "الاختبار هو أحد أقوى الطرق لفهم ما يحدث داخل جسمك، حيث أن الأمر يتعلق في حقيقة الأمر بأخذ زمام السيطرة على بياناتك ومن ثم على جسمك وفهمه جيدًا".
الطريق من المرض إلى الوعي
عندما وجد المؤسسان الشريكان نادين كاراداج وسانديب ساهني نفسيهما يعانيان من أعراض صحية وحالات طبية صعبة، كانا في حيرة من أمرهما عندما تعلق الأمر بالحصول على المشورة الطبية الصحيحة، وتغيير نمط الحياة.
ولقد تغيرت الأمور جذريًا عندما التقت نادين بجامي ريتشاردز، أخصائي التغذية في المملكة المتحدة وأخصائي المناعة النفسية والعصبية (وهو الآن رئيس قسم التعافي في شركة فاليو) والذي ساعد نادين في تحديد سبب حالتها، ألا وهو: الإجهاد. فمن خلال العمل مع جامي على نظامها الغذائي، وتنفسها، ونظام تمارينها الرياضية، ودورة مغذيات مكملة، تمكنت نادين من استعادة السيطرة على صحتها.
تقول نادين متذكرة هذه التجربة: "عملت لمدة عامين مع جامي". "وقد انتقلت من مرحلة الحاجة لتلقي العلاج المكثف إلى تسلق الجبال في قيرغيزستان".
وبعد أن قامت نادين بتعريف سانديب على جامي، فقد استطاع هو الآخر تحصيل نتائج مماثلة معه. وفي النهاية، أدرك كل من نادين وسانديب أن هناك "فجوة في السوق" عندما يتعلق الأمر بالعافية.
صرحت نادين: "عندما تكون مريضًا، تذهب إلى الطبيب ويشخصك ويعطيك بعض الأدوية، ولكن لا توجد خيارات ملائمة أو موثوقة عندما يتعلق الأمر بالعافية".
ومن ثم فقد توجه الشريكان المؤسسان، بعد أن استعادا عافيتهما، للعمل على إنشاء ما أصبح لاحقًا يدعى بشركة "فاليو"، حيث تم إطلاق الشركة في نهاية المطاف أثناء الوباء. ونجح الثنائي في بناء منتج أولي مبسط، وجمع 3 ملايين دولار في جولة التأسيس.
وقد قالت نادين: "أردنا بالفعل إطلاق شيء نثق به ليس فقط كفكرة عمل، بل كشيء نحن حقًا متحمسان له".
التعافي ليس ترفًا
تقليديًا، كان التعافي مقتصرًا على النخبة في المقام الأول، حيث كان يتم عرض ذلك في المنتجعات والملاذات الفاخرة مقابل أثمان باهظة.
وقد أوضحت نادين"هذا هو السياق الذي رغبنا نحن كشركة فاليو تغييره. فالتعافي لا ينبغي أن يكون ترفًا، بل يجب أن يكون شيئًا في متناول أي شخص يتطلع إلى الاعتناء بصحته".
وبالإضافة إلى جهود شركة فاليو، شهدنا بعض التغيير في هذه الصناعة مؤخرًا، حيث استغل مؤثرو الوسائط الاجتماعية نفوذهم لرفع مستوى الوعي حول هذا الموضوع. ولكن ينبغي التحذير بأنه غالبًا قد يكون من الصعب التأكد من المؤهلات الطبية لشخصيات الإنترنت أو صدقها عندما يتعلق الأمر بمنتج معين، نظرًا لانتشار التسويق عبر المؤثرين. ومن ناحية أخرى، فقد رأينا المستشفيات تحاول الدخول إلى هذا المجال، ولكن نظرًا للقلق الذي غالبًا ما يصاحب زيارة المستشفيات أو العيادات، فقد لا يميل العملاء دائمًا إلى الإحالة إلى هذه الجهات للحصول على الدعم من أجل عافيتهم.
وبشكل عام، فإن هذا يضع شركة فاليو في وضع مثير للاهتمام. كونها ليست مستشفى ولا ملاذًا فاخرًا باهظ الثمن، فالشركة قادرة على توفير وإتاحة خدمة ما زالت جديدة وبعيدة المنال بالنسبة لمعظم سكان الإمارات العربية المتحدة والشرق الأوسط.
وقد أشارت نادين إلى أن "التكنولوجيا التي تدور حول التعافي تشمل أكثر بكثير من مجرد أجهزة يمكن ارتداؤها لمتابعة خطواتك ونومك، بل يتعلق جزء كبير من رحلتنا بنشر الوعي بالصحة في المنطقة وكيف يمكنك استخدام الاختبارات لتحسين نمط حياتك بشكل عام". واستطردت "نحن لا نشخص، ولا نصف أي أدوية، فنحن مجرد مكملون للرعاية الصحية".
"نحن متحمسون لتقديم هذا إلى الشرق الأوسط."
تفشي نقص فيتامين (د) ومؤشرات أخرى
إن أحد المؤشرات العامة التي لاحظتها شركة فاليو بين نتائج مستخدميها هو نقص فيتامين D، والذي يمكن أن يكون بمثابة صدمة بالنظر إلى أن الإمارات العربية المتحدة هي دولة صحراوية مشمسة. ومع ذلك، تؤكد دراسة حديثة صدرت عام 2019 هذه النتائج مشيرة إلى أن "مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لديها معدل مرتفع جدًا من نقص فيتامين (د) ، والذي يصل إلى 81 في المائة بين مختلف الفئات العمرية."
وقد تبدو المشاكل مثل هذه بسيطة في البداية، ولكنها في الواقع قد تؤثر بشكل خطير على مستويات طاقة الشخص وحالته العقلية. ويعد حل هذه المسائل من صميم عمل شركة فاليو، والذي يتم من خلال تقديم حلول شاملة وأساليب ومقاربات لتحسين الرفاهية العقلية والبدنية.
وقد كان سوء استخدام المكملات الغذائية مشكلة أخرى قامت شركة فاليو بتحديدها.
"أحد الأشياء التي أدركناها هي أن الناس إما يعانون من نقص في معدن أو عنصر غذائي معين، أو الإفراط في تناول المكملات، أو استخدام مكملات غذائية منخفضة الجودة. فالكثير من المكملات الغذائية التي يتناولها الأشخاص لا تلبي احتياجاتهم البدنية أو أنها ليست مطلوبة أساسًا".
"الطريقة الوحيدة التي يمكنك من خلالها معرفة ما إذا كنت بحاجة إلى مكمل غذائي هي إجراء فحوصات طبية بانتظام".
وكخطوة قادمة، ستواصل شركة فاليو رفع مستوى الوعي حول قضايا مثل هذه وغيرها. وبالإضافة إلى ذلك، بالنظر إلى ضخ السيولة بالشركة مؤخرًا، فإنها تتطلع إلى التوسع: أولاً إلى المملكة العربية السعودية، ثم تليها باقي دول مجلس التعاون الخليجي، وأخيرًا دول منطقة الشرق الأوسط.