في العالم الحديث الذي أصبح من السهل فيه الوصول لأغلب المنتجات والخدمات المتوفرة بالسوق من خلال تطبيقات إلكترونية، تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نصيبًا وافرًا من الشركات الكبيرة التي توفر "الخدمات عند الطلب".
ومن بين هذه الشركات شركة Washmen، وهي شركة مقرها الإمارات العربية المتحدة أحدثت ثورة في سوق الغسيل والتنظيف الجاف في المنطقة.
وكان قد تم إطلاق تلك الشركة في عام 2015 من قبل رامي الشعار وجاد حلوي، حيث بدأت الشركة حياتها كمنصة للأصول الخفيفة لمعالجة ملابس العملاء من خلال تعهيد ذلك للمغاسل المحلية من خلال نموذج المشاركة في الإيرادات (أي الحصول على حصة من الإيرادات).
وقد نجح هذا النموذج في ذلك الوقت نظرًا لأن المغاسل عادة ما يكون لديها سعة زائدة لا يتم استخدامها، وهو ما سمح لها بزيادة الإنتاجية. وبالإضافة إلى ذلك، فقد وفرت Washmen للمغاسل المحلية الوصول إلى السوق الذي لم تكن قادرة للحصول عليه بمفردها. وقد كان هذا بعد عامين من دخول أوبر إلى سوق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لذلك كان هناك الكثير من الجدل حول إمكانية الاستفادة من الخدمات عند الطلب، مما جعل استخدام المغاسل أسهل.
هذا ما أخبرنا به رامي الشعار، الذي يشغل أيضًا منصب الرئيس التنفيذي للشركة، وذلك في محادثة له مع منصة أبوظبي للأعمال. وقد أوضح رامي أن استهدافهم لقطاع الغسيل والتنظيف الجاف بالتغيير كان أمرًا منطقيًا، فكونه عميل دائم للمغاسل، كانت الخدمة التي يتلقاها من أغلب مقدمي الخدمات دون المستوى في أغلب الأحيان، حيث كانت تتسم بالتأخير وتذبذب الجودة وغيرها من المشكلات الأخرى، وبالتالي فقد هناك هامش كبير للتحسين والتطوير. وقد قام رامي بإجراء استبيان عام للعملاء وكذلك بالقيام بأبحاث السوق في الشرائح المختلفة لقطاع "الخدمات عند الطلب" في دولة الإمارات العربية المتحدة. وفي حين أن معظم القطاعات العمودية، مثل محلات البقالة وخدمات التنظيف المنزلي، كانت قد تغيرت جوهريًا بالفعل بفضل بعض الشركات الإقليمية، فقد كانت مشكلة خدمات الغسيل والتنظيف الجاف لم تتم معالجتها بعد في السوق بشكل واف.
وهكذا ولدت شركة Washmen.
رامي شعار ، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Washmen
"الانفراد بالخدمة" (Going Solo)
لقد اعتمدت الشركة المتنامية على هـذا النموذج لمدة ثلاث سنوات، ولكن مع نمو الشركة وتزايد الطلب من العملاء، أصبح الاعتماد على طرف ثالث أمرًا لازمًا.
وقد أشار رامي الشعار في هذا الخصوص: "عندما تعمل مع "شركة خارجية" أو طرف ثالث، هناك حدود لما يمكنك إدماجه ضمن عملياتهم من التكنولوجيا الخاصة بشركتك".
وبحلول عام 2018، أدرك الشعار وحلاوي أن الوقت قد حان لتولي مسؤولية العملية بأكملها، من الاستلام إلى التسليم.
وقد ساعدت السنوات الثلاث الأولى - والتي كانت الشركة تعمل فيها كمنصة - فريق العمل على اكتساب الخبرة والبيانات اللازمة، وذلك لإثبات جدوى نشاطهم التجاري. وقد أدى ذلك إلى تسهيل استقطاب المستثمرين الجدد للاتجاه الجديد للشركة، كما أدى إلى مضاعفة الاستثمار من قبل المستثمرين القدامى.
وبالنسبة للشعار وفريق العمل، فقد رأوا في هذه الخطوة التالية تعهدًا ببناء حل تقني، وليس مجرد وسيط مسؤول عن معالجة وإدارة طلبات الزبائن.
حيث قال الشعار في هـذا الخصوص: "كان تكامل سلسلة التوريد حقًا وسيلة لاستغلال كامل طاقة الإنتاج". فمن خلال السيطرة على سلسلة التوريد بأكملها وبناء التكنولوجيا، سوف تكون Washmen قادرة على النمو نحو القدرة على التعامل مع طاقة إنتاج غير محدودة وخدمات ذات جودة أعلى بكثير.
وتابع قائلًا: "يصبح الابتكار بلا حدود، نظرًا لأنك تستمر فقط في اختبار الأشياء دون أي تحديات أو مقاومة من الشركاء الذين تعمل معهم".
البناء للمستقبل
بعد ثمانية أشهر من ذلك، أصبحت منشآت الشركة حقيقة واقعة، كواحدة من أكبر المنشآت من نوعها في العالم. فقد أصبحت شركة Washmen الآن مسؤولة عن عمليات الغسيل والتنظيف الجاف بالكامل، من خلال توفير خدمة متخصصة ورقمية عالية، حيث يمكن تتبع كل عنصر من سلسلة التوريد عبر السلسلة بأكملها.
وفضلًا عن ذلك، فقد تم تصميم المنشأة الجديدة مع وضع المستقبل بعين الاعتبار، حيث تتمتع بطاقة إنتاج قصوى تسمح بتنظيف وكي 30,000 قطعة يوميًا. ومع ذلك، فإن Washmen تقوم حاليًا باستخدام ثلث هذه الطاقة فقط. وما يعنيه ذلك يتمثل في أنه يمكن للشركة توسيع نطاق عملياتها كلما دعت الحاجة، بالنظر إلى أن البنية التحتية اللازمة موجودة بالفعل.
إن مركزية التوجه قرارات شركة Washmen. فمن خلال التركيز على التكنولوجيا، تكون الشركة قادرة على حل الكثير من المشكلات الكامنة التي من المحتمل أن تواجهها وتراقب كل نقطة في النظام، مما يسمح لفريق العمل بتحديد المشكلات بسرعة، والسماح له بالاستمرار في المضي قدمًا.
"لذلك، عندما تكون لدينا مشكلة، فإننا لا نفكر في حلها كما هي اليوم". كان هذا ما قاله رامي الشعار الذي استطرد قائلًا: "إننا نفكر في كيفية حل المشكلة إذا ما كانت أكبر بعشرة أضعاف. وبهذا الشكل فعندما يزيد حجمنا بالفعل بنسبة 50٪ (مقارنة بما نحن عليه اليوم)، فإننا لن نواجه أي مشكلات في التوسع تتعلق بالحجم. نحن دائمًا نفكر في كيفية تحقيق التوسع، سواء بنسبة 50٪ إضافية أو حتى بمعدل 3 أضعاف".
الخروج من حافة الإفلاس
كانت جائحة كوفيد 19 فترة صعبة، حيث أنها مثلت نعمة بالنسبة لبعض الشركات وكارثة بالنسبة لأخرى.
أما بالنسبة لشركة Washmen، فقد كان الوباء مشكلة حقيقية.
لقد واجهت الشركة الكثير من المخاوف في النصف الأول من عام 2020، حيث شهدت في البداية انخفاضًا بنسبة 80٪ في أعمالها. حيث أن الناس باتوا لا يذهبون إلى دواماتهم، مما كان يعني أن ملابس العمل، والتي كانت أعمال Washmen تركز عليها في الغالب، لم تعد تُرسل للتنظيف والكي، ناهيك عن أن الناس أصبح لديهم المزيد من الوقت لغسل ملابسهم بأنفسهم في بيوتهم، وأنهم فضلوا عدم التفاعل مع العالم الخارجي خوفًا من الإصابة بالوباء.
لقد كان وقتًا صعبًا للغاية بالنسبة لشركة Washmen، إلى درجة اقتربت معها كثيرًا من شفير الإفلاس. وحتى مع انخفاض الطلب، فإن التكاليف الثابتة للأعمال بقيت كما هي. حيث تكبد الشعار وحلاوي والفريق انخفاضًا كبيرًا في الأجور، وبدرجة أقل، فقد تحمل موظفو العمليات تخفيضات أقل في الأجور والإجازات غير مدفوعة الأجر، مع الوعد من جهة الشركة بأن الضروريات الأساسية لهؤلاء الموظفين مثل الطعام والسكن سيتم سدادها وأن الشركة ستقوم بالعودة لدفع رواتبهم بشكل طبيعي بمجرد أن تصبح التوقعات المالية لـWashmen واعدة مجددًا. ونظرًا لمشاركة حلوي في إدارة الأعمال اليومية للشركة، ومعرفته بموظفيه، فقد كان هناك شعور مشترك بالولاء، لدرجة أنه لم يستقل أي موظف خلال هذه الفترة.
كما كان شركاء شركة Washmen التجاريين، مثل الملاك والموردين، متكيفين تمامًا مع الوضع ومتفهمين له، حيث قدموا للشركة خصومات مؤقتة وتخفيضات في الأسعار لمساعدة الشركة على البقاء واقفة على قدميها.
وقد أشار الشعار إلى أنه "بدعم من أصحاب المصلحة هؤلاء ظلت Washmen صامدة خلال تلك الأوقات الصعبة، وأنه ممتن جدًا لهم، فبفضل دعمهم، تضاعف حجم Washmen الآن بالنسبة للأرقام والمعطيات التي كانت عليها خلال فترة ما قبل الوباء".
رفض "النمو بأي ثمن"
في عام 2023، تكمل Washmen ثمانية سنوات من العمل منذ نشأتها. وفي الواقع، من المتوقع أن تكون السنة المقبلة هي أفضل سنوات الشركة وأكثرها صحة حتى الآن.
ووفقًا لشعار، فقد كان عام 2022 عامًا من النمو القوي، حيث أظهر انتعاشًا ملحوظًا بعد الوباء.
والجدير بالذكر أن هذه كانت السنة الأولى التي لم تحرق فيها Washmen النقود (أي لم تخسر)، بل حققت في واقع الأمر أرباحًا. حيث أشار إلى أن مستوى خدمتهم، المدعومة بالتكنولوجيا القوية التي تسمح لهم بتحديد المشكلات وحلها بمجرد ظهورها، كان السبب في وصولهم إلى هذا الحد.
إن أحد العناصر الرئيسية التي ساعدت Washmen في الحفاظ على مستوى ثابت من الجودة هو أن فريق العمل كان واثقًا من مستوى الخدمة التي يقدمها، ولذلك فقد كان على الفريق تحديد السعر وفقًا لهذه المعطيات.
"لقد أدركنا أنه لتقديم الجودة، يجب أن يتم تسعير [الخدمة] بشكل مناسب. فنحن لن نقدر على الاستمرار في حرق الأموال كشركة حتى وإن وفرنا جودة عالية من الخدمات في الوقت ذاته. لقد كنا نمر بشهور نحرق فيها قرابة ال300 ألف دولار شهريًا. وهذا الأمر ليس قابلًا للاستمرار. فنحن بحاجة حقًا إلى أن نكون على دراية بأمورنا المالية".
وفي عام 2021، رفعت الشركة أسعارها مرتين لتحسين إدارة تكاليفها. ومع ذلك، لم يكن هناك أي انخفاض ملحوظ في الطلب.
لقد قال الشعار: "إذا لم تكن واثقًا من مستوى الخدمة التي تقدمها، فحينئذٍ ستكون عملية زيادة الأسعار مخيفة للغاية بالنسبة لك. ولكن إذا ما كان أداؤك جيدًا وأفضل مما هو متوفر في السوق، وكانت مقاييسك في العمليات قوية جدًا، فنعم، قد تشعر بالخوف قليلًا من زيادة الأسعار في الأسبوعين الأولين، لكنك ستدرك أن العملاء سوف يستمرون في التعامل معك وسيفهمون قيمة ما يدفعون مقابله. وعلى الرغم من الزيادة في الأسعار، إلا أنه بسبب التزامها بالجودة، تفخر Washmen بتقديمها الخدمة لأكثر من 50,000 عميل".
وهكذا، فإن شركة Washmen "لم ترد أن تنمو بشكل غير مستدام وبأي ثمن".
قال الشعار: "يمكنني خفض أسعاري بنسبة 50٪ والاستمرار في النمو (لوقت معين)، لكن هذه ليست طريقة مستدامة للفوز في السوق".
في عام 2023، ستواصل شركة Washmen التركيز على سوق الإمارات العربية المتحدة، مع توقع نمو الإيرادات بنسبة 60٪ على أساس سنوي. وستقوم Washmen أيضًا بإطلاق خدمة راقية في السوق من نوع "الحجم المنخفض والهامش المرتفع". كما ستعمل الشركة أيضًا على تنمية وتطوير خدمة تنظيف الأحذية والحقائب التي قدمتها العام الماضي وستستمر في التكامل مع التطبيقات الفائقة كما فعلت مع Careem في أكتوبر.