بقلم ناجي حداد، المدير العام لدى دليفريكت في الشرق الأوسط
تساهم أعمال توصيل الأطعمة في إعادة رسم ملامح قطاع المطاعم منذ سنوات، فيما يلجأ المزيد من الناس إلى طلب طعامهم عبر الإنترنت ليتم توصيل عدد كبير من تلك الطلبات بمساعدة تطبيقات متخصصة تديرها أطراف ثالثة.
ومع ارتفاع حجم الطلب على التوصيل من المطاعم، ظهر نموذج جديد بالكامل لتوصيل الأطعمة والمشروبات – ومنها المطابخ السحابية التي تسمى بالمطابخ السحابية.
ما هي المطابخ السحابية؟
تعدّ المطابخ السحابية وحدات إنتاجية عالية الكفاءة، تبيع الوجبات حصرياً من خلال التوصيل.
كما أنها لا تضم منطقة للجلوس للراغبين بتناول الطعام، ويجري إعداد الطعام عندما يطلب العميل الطعام من خلال أحد تطبيقات التوصيل أو عبر نظام إلكتروني للطلب.
وعندما تصبح الوجبة جاهزة، يقوم سائقو التوصيل باستلامها لتوصيلها إلى العميل، كما تتيح بعض تلك المطابخ للعملاء إمكانية استلام الوجبات بأنفسهم مباشرة بعد الانتهاء من إعدادها.
كيف أثرت جائحة كوفيد-19 على المطابخ السحابية؟
تزداد أعداد المطابخ السحابية في الوقت الذي تتدفق فيه استثمارات رأس المال المغامر على الشركات الناشئة التي تخدم القطاع، بينما تعمل كبرى منصات التوصيل على إقامة مرافقها الخاصة بها. وفي بداية العام 2020، كانت المطابخ السحابية قد بدأت تشتهر على نطاق واسع بالفعل، لتصبح توجهاً جديداً ورائجاً في قطاع توصيل الأطعمة.
وعندما ضربت الجائحة العالم واضطرت المطاعم إلى إغلاق أبوابها في كل مكان، كان لا بدّ لها من الانتقال إلى نموذج الأعمال القائم على المطبخ المعتم لتقدم من خلاله قوائم أطباق محدودة الخيارات ومجموعات من الوجبات الجاهزة وكل ما يمكن توصيله للمنازل أو تسليمه للعملاء من خارج المطعم. وبهذا تحولت صالات المطاعم الفارغة إلى مساحات للتخزين والتغليف.
ومع عودة المطاعم إلى فتح أبوابها لاستقبال روادها في ظل القيود الجديدة والاشتراطات الصحية ومتطلبات التباعد، لا يتوقع أن يختفي نموذج المطابخ السحابية قريباً. فقد بيّنت فترة الإغلاق للمطاعم التي لم تكن قد استفادة من تلك الميزة بعد أن الانتقال إلى المنصات الرقمية وتقديم مزيد من الخيارات المريحة لضيوفها نموذج يحقق أرباحاً وازدهاراً ملموساً لها. كما استقطبت منصات التوصيل العديد من المستهلكين الجدد الذين أعجبوا بالراحة والسهولة التي ينطوي عليها الطلب عبر الإنترنت.
ترتبط المطابخ السحابية بواقعنا أكثر من أي وقت مضى، ونتوقع أن نشهد مزيداً من النمو في هذه الشريحة المتنامية من أعمال المطاعم – حيث تشير توقعات سوق المطابخ السحابية إلى أن قيمتها ستصل إلى 2.63 مليار دولار بحلول العام 2026 – أي أربعة أضعاف قيمتها عام 2018.
ما هي مميزات المطابخ السحابية؟
كان ذلك عرضاً للصورة الكبيرة بأكملها، ولندقق الآن في تفاصيل المزايا والمساوئ في المطابخ السحابية وندرس الاعتبارات العملية التي تحتاج لمعرفتها قبل أن تقدم على افتتاح مطبخك الخاص الذي يقتصر على الطلبات الرقمية والتوصيل فقط.
لا شك في أن هناك سبباً لانتشار تلك المطابخ فجأة في كل مكان – فعدم الحاجة لتوفير مقاعد للضيوف ومناطق للانتظار ساهم في تخفيض تكلفة الإيجار بشكل كبير، بالإضافة إلى عدم الحاجة لوجود طاقم للضيافة. وبالتالي كانت تلك وسيلة رائعة لتخفيض النفقات الثابتة في المطاعم مع تعزيز قدرتها على تلبية متطلبات شريحة أكبر من سوق توصيل الأطعمة.
كما تمكّن المطابخ السحابية المطاعم من تجربة العلامات التجارية الجديدة وقوائم الطعام والأطباق المتجددة بكل سهولة، إذ لا حاجة لأخذ المساحات المكانية بالاعتبار عند تغير توجهات الطعام لدى المستهلكين ويمكن لمطابخ التوصيل أن تنتقل بسرعة وسهولة إلى قوائم جديدة أو مفاهيم مختلفة. وفي حال عدم تحقيق النجاح المرجو لإحدى العلامات أو المفاهيم، فمن السهل الانتقال لتجربة غيرها من جديد.
كما يمكن العمل على إعداد مجموعة من العلامات التجارية الافتراضية في نفس المطبخ، مما يعني أن من السهل استهداف مجموعة متنوعة من فئات المستهلكين لخدمة عدة مجموعات مختلفة في نفس الوقت.
من أين أتت فكرة المطابخ السحابية؟
أدت التكنولوجيا إلى تغييرات جمة في الأسواق الاستهلاكية خلال العامين الماضيين، ويمكننا اليوم أن نطلب منتجاً أو خدمة من الجانب الآخر من العالم لنضفي إليها طابعاً شخصياً وندفع قيمتها عبر الإنترنت خلال ثوان.
وقد تبنى قطاع الأطعمة قصة نجاح التجارة الإلكترونية تلك، لتصبح قصة نجاح لمنصات الطلب عبر الإنترنت مثل أوبر إيتس وطلبات وزوماتو ودليفرو وغيرها الكثير من الأسماء التي مهدت الطريق لانتشار المطابخ السحابية. فهذه القنوات تمثل طرفاً ثالثاً لتوصيل الأطعمة وتمكين أصحاب المطاعم من التواصل بسهولة مع العملاء وتوصيل الوجبات سريعاً إليهم أينما كانوا.
وبهذا أصبح توصيل الطعام للعملاء أكثر سهولة – حتى من المطاعم الصغيرة المستقلة – وهو تغيير أدى إلى زيادة العرض لتلبية الطلب المتزايد باستمرار.
ماذا يجب أن تعرف قبل الافتتاح؟
هناك عدد من الأمور التي ينبغي التعامل معها قبل أن تبدأ العمل بالمطبخ المعتم. عليك أولاً اختيار نموذج الأعمال الذي تعتمده – سواء كان لديك مطبخك الخاص بعدة علامات تجارية أم تشاركت المساحة مع مطاعم افتراضية أخرى أم أضفت عروضاً متخصصة تقتصر على التوصيل إلى مطبخك القائم، يجب أن تكون مطّلعّا على الأسس التالية:
1. للموقع أهمية كبيرة
لتستفيد من مزايا المطابخ السحابية، يجب أن يكون لديك حجم عمل كبير وتتدفق البيانات إليك بشكل مستمر. إن عدم وجود مطعم فعلي يرتاده العملاء يعني الاعتماد الكامل على التواجد عبر الإنترنت لاستقطاب الطلبات، ويجب أن يكون جميع العملاء ضمن منطقة توصيل محددة بخمسة كيلومترات. لهذا لا بد من إجراء الأبحاث الدقيقة حول المنافسين والسمات السكانية للمقيمين في المنطقة ومعرفة أنواع الطعام التي ستلاقي إقبالاً فيها.
2. استخدم الحلول التقنية المناسبة
تعتمد المطابخ السحابية على منصات تقنية مدهشة تتوفر لتمكين تلك العمليات وتتيح المزايا التي تحدثنا عنها. ولذلك فإن اختيار الحلول المناسبة قرار بالغ الأهمية لأعمالك.
عليك أن تختار أولاً ما إن كنت ستقدم خدمات التوصيل بنفسك أم ستستعين بطرف ثالث لتزويدها. هناك مميزات وعيوب لكل من الخيارين من حيث الراحة والسهولة واتساع دائرة وصول شركاء التوصيل، مقابل التأثير السلبي على الأرباح. وإذا اخترت تقديم خدمات التوصيل بنفسك فسيكون عليك الاستثمار في التسويق لعلامتك التجارية وإنشاء نظام خاص للطلب والتوصيل.
وإذا اخترت العمل مع عدد من شركاء خدمات التوصيل، كما تفعل العديد من الجهات المشغلة للمطابخ السحابية، فستتمكن من تحسين كفاءة العملية بشكل هائل. وبدلاً من وجود عدة أجهزة لوحية يستخدمها الموظفون باستمرار لإدخال الطلبات على نظام نقاط البيع من شركاء مختلفين، بوسعك الاستثمار في نظام واحد لدمج كل الطلبات وتوصيلها بشكل واضح ومنسجم.
وبتلك الطريقة يمكنك توفير تكلفة العاملين (وتقليل التوتر وزيادة الكفاءة لدى طاقم الموظفين لديك) بينما تسرع من فترات التوصيل. كما أن التوصيل السريع في المطابخ السحابية يزيد من رضا العملاء ويعزز تكرار الطلبات من جانبهم.
لا تخف من المطابخ السحابية
المطابخ السحابية مفهوم نشأ ليدوم، ولديك فرصة هائلة للنجاح في المجال طالما استغرقت الوقت الكافي لوضع الخطط الفعالة واستخدمت التقنيات المناسبة وعملت على تسويق أعمالك بالشكل الصحيح. ففي ظل التغيرات السريعة وازدياد التحول الرقمي، يمكن للمطابخ السحابية التي تتسم بانخفاض المخاطرة وسهولة التكيّف أن تصبح المطاعم المفضلة في المستقبل. فلا تخف من الاستثمار فيها وإلا ندمت على تفويت الفرصة.