عبد الله المطوي، الشريك، ورئيس قسم الأعمال التجارية، وكريم زريقات، المساعد الأول للشركات التجارية، يلقون نظرة على السؤال التالي:
في حين أنّ بعض الشركات الناشئة تتمتّع بالحظوظ الكافية لتحقيق الإيرادات الكبيرة في مرحلة مبكرة، إلّا أن الغالبية العظمى تعمد إلى حرق رأس المال لتوسيع نطاقها وتفعيل قوة الجذب السوقية بشكل أسرع مما يمكن لعائداتها مواكبته. نظراً لعدم رغبة البنوك بتمديد تمويل الديون التقليدية للشركات الناشئة، يتوفّر لدى المؤسسين عادةً خياران: عند جمع الأموال؛ إجراء جولة حقوق ملكية مسعرة ؛ أو الحصول على تمويل من خلال سندات قابلة للتحويل.
يعدّ التأمين المضمون من جولة الأسهم المسعرة عملية مستهلكة للوقت ومكلفة وصعبة، إذ تتطلّب قدر كبير من الوقت والتكلفة من قبل المستثمر إضافة إلى رسوم قانونية وعمليات تفاوض على المعاملات. إضافة إلى المهمة الشاقة إلى حد ما المتمثلة بالموافقة على الخضوع للتقييم في مرحلة مبكرة، والتي قد تعدّ عملية مضاربة عند مقارنتها بالتدفق النقدي المعياري المخصوم أو نهج المضاعفات المستخدم للشركات الناضجة. وبالتالي قد تكون العملية مرهقة للمستثمر والمؤسس على حد سواء، ولا ينبغي التعامل معها على أنها الخيار الوحيد المتاح للتمويل.
لقد عمد المؤسسون وأصحاب رأس المال المغامر، إلى المطالبة بطريقة أبسط وأسرع لتوزيع رأس المال على الشركات الناشئة في المراحل المبكرة، مما أدى إلى إنشاء السندات القابلة للتحويل. ومع مرور الوقت، ازدادت التعقيدات فيما يختصّ السندات القابلة للتحويل، وبغياب النموذج القياسي المعتمد في السوق، تمّ تداول العديد من السندات الإذنية المختلفة والقابلة للتحويل، مما أدى إلى الدخول بمفاوضات طويلة وسبّب حالة من الغموض حيال كيفية عمل السند القابل للتحويل، والنسبة الفعلية التي سيحصل عليها كلّ مستثمر عند تحويل السند القابل للتحويل إلى أسهم.
أنشئت SAFE (اتفاقية مبسطة للأسهم المستقبلية) من Y Combinator في عام 2013، وتقدّم بديلاً أبسط وأقلّ كلفة للتمويل مقارنة بجولة الأسهم المسعرة، وفي عام 2018، أصدرت Y Combinator الإتفاقية المبسطة للأسهم المستقبلية SAFE ما بعد المال.
لا تعدّ SAFE أداة دين - وليس لها تاريخ سداد - وليست أداة حقوق ملكية. إنها، في أبسط أشكالها، اتفاق على أنّ الأموال التي قدّمها المستثمر لبدء التشغيل سيتمّ إمّا سدادها أو تحويلها إلى أسهم بناءً على شروط محدّدة ومنصوص عليها في SAFE. الدافع الرئيسي لتحويل SAFE إلى حقوق ملكية يتمثّل بعملية الإغلاق الناجحة للبدء بجولة تمويل الأسهم المسعرة.
إحدى أهم المشاكل التي عمدت SAFE إلى حلّها، هي الحاجة إلى الموافقة على إجراء تقييم ما قبل الاستثمار، فبدلاً من ذلك، يوافق المستثمرون والشركة الناشئة عادةً على تحديد "سقف التقييم"، مع تجاهل لأغراض متعلقة بالمقالة، عملية الموافقة على خصم أو حدّ أقصى لسقف التقييم والخصم، أو شرط MFN (الدولة الأكثر رعاية).
يمثل "سقف التقييم" الحد الأقصى للتقييم الذي سيتمّ من خلاله تحويل الإستثمار إلى أسهم. لذلك، في حال كان تقييم مرحلة بدء التشغيل لجولة حقوق الملكية المسعّرة القادمة أقلّ من سقف التقييم الموضوع، فسيتمّ تحويل الإستثمار إلى القيمة المنخفضة من التقييم ، بينما إذا كان تقييم مرحلة بدء التشغيل لجولة الأسهم المسعرة القادمة أكثر من سقف التقييم، سيتمّ تحويل الإستثمار لقيمة سقف التقييم المذكور.
تفترض SAFE ما قبل المال، أن يساوي سقف التقييم قيمة الأعمال ما قبل الإستثمار لجميع مؤسسي SAFE. تكمن المشكلة في ذلك، في أنّ الشركة الناشئة قد تستمرّ في جمع الأموال من خلال SAFEs ما قبل المال، يشمل ذلك جمع الأموال عالية الدقة (أي إصدار SAFE بشروط وتقييمات مختلفة لمستثمرين مختلفين). ما يؤدّي لحالة من عدم اليقين بالنسبة للمستثمر والشركة الناشئة ولنسبة المستثمر من الملكية، إضافة إلى التأثير المخفّف الذي ستسبّبه SAFE ما قبل المال على ملكية المستثمر.
على سبيل المثال، افترض أن شركة ناشئة تدخل في SAFE ما قبل المال مع مستثمر بإجمالي استثمار قدره 100،000 دولار أمريكي، وبحدّ أقصى للتقييم يبلغ 900،000 دولار أمريكي. بعد ذلك، ونظراً إلى أنّ SAFE لا تحدّ من قدرة الشركة الناشئة على جمع أموال إضافية من خلال SAFEs الأخرى، تستمرّ الشركة الناشئة في جمع الأموال لمدة 6 أشهر لمبلغ إجمالي قدره 200000 دولار أمريكي من عدد من المستثمرين الآخرين وبتقييم مسبق قدره 900،000 دولار أمريكي. ستؤدي تلك الإستثمارات اللاحقة إلى إضعاف ملكية مستثمرنا البالغة 100،000 دولار أمريكي. ما يسبّب وضع أكثر غموض لكلّ من المؤسس والمستثمر إذا قامت الشركة الناشئة بجمع أموال إضافية بتقييمات مختلفة.
الآن، قارن هذا النهج مع SAFE ما بعد المال، والذي يصف سقف التقييم على أنّه قيمة ما بعد المال ليس فقط لمستثمرنا بإجمالي قدره 100000 دولار أمريكي، ولكن بالنسبة للمبلغ الإجمالي للأموال المتوقّع من الشركة الناشئة جمعه في الستة أشهر التالية باستخدام SAFEs. في هذه الحالة، يوافق المستثمر والشركة الناشئة على أنّ الشركة ستحتاج على الأرجح إلى مبلغ قيمته 300،000 دولار أمريكي إضافي في المستقبل، ويمكن أن توافق على حدّ أقصى للتقييم يبلغ 1،200،000 دولار أمريكي، وهي القيمة المسبقة للمبلغ الإجمالي وقدره 900،000 دولار أمريكي بالإضافة إلى إجمالي الإستثمار المتوقع 300،000 دولار أمريكي على مدى 6 أشهر.
بهذه الطريقة، يكون من الأسهل على المستثمر والمؤسس احتساب حصة ملكية المستثمر. لذلك، فإن SAFE ما بعد المال تتعامل مع الإستثمارات باستخدام SAFE ما بعد المال باعتبارها تمثّل"الجولة التمويلية" الخاصة بها، وسيعرف كلّ مستثمر من خلال جولة التمويل، نسبة ملكيته بصورة واضحة.
لا يزال من الممكن استخدام سندات SAFE ما قبل المال لتذاكر الإستثمارات الصغيرة وحيث لا يكون المؤسس ولا المستثمر على يقين من أنّ الشركة ستكون قادرة على جمع الأموال من خلال جولة الأسهم المسعرة في المستقبل، وبالتالي تمنح SAFE ما قبل المال المرونة من ناحية عدم الإلتزام بقيمة ما بعد المال. بدلاً من ذلك، إذا كانت تذكرة الإستثمار أكبر أو إذا كان المؤسس والمستثمر واثق من أنّ الشركة ستتابع جولة الأسهم المسعرة بعد ذلك، فتعدّ SAFE ما بعد المال البديل الأكثر ملاءمة الذي يوفّر اليقين للشركة والمؤسس وجميع المستثمرين في SAFE.
في حين أن مذكرة SAFE تمثّل وثيقة نموذجية تساعد المؤسسين والمستثمرين على إغلاق الاستثمارات بسرعة وباعتماد الحدّ الأدنى من المفاوضات، فمن المهمّ ألا يأخذ المؤسسون ولا المستثمرون ذلك كأمر مسلّم به، وأن يسعى كلا الطرفين للحصول على المشورة القانونية لفهم الآثار القانونية والاقتصادية لـ SAFE، بما في ذلك في السيناريوهات الأكثر تعقيدًا إلى حد ما، حيث يتمّ خلالها إصدار أنواع مختلفة من SAFE وتقييمات مختلفة وما قد يعنيه هذا في المستقبل، عندما يتمّ سداد SAFE أوتحويلها إلى حقوق ملكية.